عالم من دون كافيين! تعرف على الدول التي منعت شعوبها من احتساء القهوة

24 August 2024
abdullah

إن الشعبيّة الكبيرة التي تملُكها القهوة اليوم تجعل من الصّعبِ التصديق بأن شُربها كان محظوراً على المجتمعات في بعض البلدان سابقاً. تتحدث الكثير من الأبحاث اليوم على فائدة شرب فنجان من القهوة صباحاً وما يقدمه للجسم. لكن قبل ذلك بكثير, كانت حبوب البن ذات سمعةٍ سيئةٍ دفعت الكثير من الحكّام إلى منعها.

في هذا المقال, سنقوم برحلة عبر التاريخ, ونتعرف سوية على أهم الممالك والدول التي حظرت تناول حبوب البن, والبلد الذي لا يزال اليوم يمنتنع عن احتساء القهوة!


  1. المملكة العربية السعودية:

وصلت حبوب البن إلى مكة المكرمة في نهاية القرن الخامس عشر, ونمت شعبيتها بسرعة مما أدى إلى افتتاح أول مقهى هناك باسم مقهى كينس. وقد كان الرجال يجتمعون في المقاهي لشرب القهوة ومناقشة الأخبار ولعب الشطرنج. وفي عام 1511 وبينما كان يمر ناظر الحرم الشريف في مكة المكرمة الأمير المملوكي خاير بك من الكعبة إلى بيته صادف مجموعةً من الرجال يتناولون شيئاً ما على هيئة الشّربة الذي يتناولون به الخمر ومعهم كأساً يديرونه ويتداولونه بينهم. عندما سألهم عنه أخبروه بأن اسمه القهوة ويأتي من بلاد اليمن. وخوفاً من أن تؤدي الوفرة الناتجة عن شرب القهوة إلى التأثير على أعمال الناس, قد نجح بحظر هذا المشروب وإغلاق المقاهي في المدينة. لم يكن حتى عام 1583 حتى استطاع أنصار القهوة استعادة حق حبوب البن وعادت القهوة مشروباً محبوباً يجمع الناس ويؤلف القلوب.


  1. السويد:

للقهوة ماض مضطرب مع السويدين, فقد حاول الحكام حظرها مراتٍ عديدة! دخلت القهوة أول مرة البلاد في القرن السابع عشر, واكتسبت شهرة بين نخبة المجتمع ومفكريها. لكن عندما اعتلى غوستاف الثالث العرش عام 1746، أصدر مرسوماً يحظر شرب الشاي والقهوة، معتقداً أنهما يسببان مشاكل صحية. وحتى أنه أمر بإجراء تجربة تتضمن زوجاً من التوائم المسجونين (مقابل تخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحقهما), حيث يجب على أحدهما شرب ثلاثة أوعية من القهوة وثلاثة أوعية أخرى من الشاي يومياً لبقية حياتهم. ومن المفارقات الطريفة أن الأطباء المكلفين بالإشراف على التجربة ماتوا قبل التوأم ولم تنتهي التجربة أبداً! استمرت محاولات حظر القهوة في السويد حتى عشرينيات القرن التاسع عشر، مع فرض غرامات وعقوبات مختلفة. أما اليوم, تعدّ السويد واحدة من أكثر الدول استهلاكاً للقهوة في العالم بالنسبة للفرد.


  1. بروسيا:

في عام 1777، حاول فريدريك الثالث ملك بروسيا، استجابة لتزايد شعبية القهوة، استبدالها بالبيرة، على الأقل بين طبقات المجتمع الدنيا, مشيراً فيه إلى أن رعايه يجب أن يشربوا البيرة كونه هكذا نشأ هو وأسلافه وضباطه. فهو يعتقد بأن الجنود الذين يشربون القهوة ليسوا قادرين على تحمل المشقة أو الانتصار في الحروب. وقد قام لاحقاً بحصر تراخيص تحميص القهوة على نخبة المجتمع فقط. لم تكن مساعي ملك بروسيا ضد القهوة الوحيدة في أوروبا، حيث أن صانعي البيرة والنبيذ في مختلف أماكن أوروبا، وبالأخص فرنسا، كانوا يحاولون تشويه صورة القهوة بأيّ شكلٍ، حيث كانت المقاهي تستبدل بالحانات من جهة، وحتى أن القهوة باتت ترتبط بالوجبات الغذائية لدى البعض بدلاً من شرب البيرة أو النبيذ.


سيرلانكا الدولة التي لازالت تمنتنع عن شرب القهوة:

قبل 150 عاما، كانت سريلانكا واحدة من أكبر منتجي القهوة في العالم. كان لدى معظم السكان مزرعة لحبوب البن وكانت القهوة مشروباً محبوباً لدى الجميع. حتى جاء المرض ودمر جميع نباتات القهوة وماتت معه صناعة القهوة بأكملها. بعد هذه الحادثة قامت سريلانكا بالبحث عن نوع مختلف من المشروبات لإنتاجه، مشروب أكثر صحة وأفضل من القهوة, ألا وهو الشاي.


تعتبر سريلانكا اليوم رابع أكبر صانع للشاي في العالم حيث يعمل مليون سريلانكي في مزارع الشاي، ويشرب كل سريلانكي تقريباً الشاي. طبيعة هذا البلد مثالية لنباتات الشاي, حيث تتمتع بكل من الارتفاع والشمس والرطوبة اللازمة. ولدى سريلانكا عشرات النكهات من الشاي. يتم قياس كل كوب للتأكد من أنه يحتوي على 2.5 جرام من الشاي لكل فنجان ويتم تخميره لمدة 3 دقائق.


إن رحلة القهوة من مادة مخيفة ومحرمة إلى سلعة عالمية هي شهادة على فضول الإنسان وقدرته على التكيف. يقدم تاريخ حظر القهوة عدسة فريدة يمكن من خلالها فحص التفاعل المعقد بين الثقافة والسياسة والتجارة. وبينما ننظر إلى البلدان التي سعت ذات يوم إلى قمع استهلاكها وباءت مساعيها بالفشل، يمكننا أن ندرك مدى جاذبية فنجان بسيط من القهوة.